في
غابر الأزمان كان لأحد الشيوخ ولد شاب وكان صياداً جريئاً علمه أبوه فن الصيد حتى
حذقه.
ولم
تكن سهامه تعرف طيشاً ولم يستطع مخلوق حي أن يزوغ عن رصاصته المميتة,وقد قتل كل
الطّرائد في الجبال,ولم يكن يشفق على أحد من الحيوانات,حتى إنه أباد قطيعاً من
الماعز الشهباء وهي الأصل الأول لجنس
الماعز كله,ولم يبق إلا
معزاة
هرمة وتيسها العجوز.توسلت إليه المعزاة أن يشفق على تيسها ليستمر جنسهما في البقاء
ولكن الصياد لم يستجب لها وقتل التيس العجوز فأخذت المعزاة تندب فقيدها ثم استدارت
نحو الصياد وقالت"ملعون أنت صوب رصاصك إلى قلبي فلن أتزحزح عن مكاني قيد شعرة
لأن رصاصك لن يصيب مني مقتلا وستكون طلقتك هي الأخيرة"
طفق
الصياد يضحك من كلامها وصوب بندقيته إلى جسمها وأطلق ولكن العنزة لم تسقط وإنما
مست الطلقة ظلفها مسا رفيقا.قالت العنزة :"أرأيت أما الآن فحاول أن تمسك بي
وأنا أعرج"وراحت العنزة تعدو والصياد يطاردها أياما وأشهرا كثيرة ولم تستسلم
العنزة حتى اضطر الصياد أن يطرح سلاحه جانبا وفي ذات يوم لم يعرف الصياد كيف قادته
طريدته إلى شرف عال لم تطأه قدم إنسان قط وهناك تركته بين الأرض والسماء ولعنته
قائلة"من هنا لن تفلت مدى العمر ولن يتمكن أحد في الدنيا من أن ينقذك ,فليبك
عليك أبوك مثلما بكيت أولادي القتلى وليثغ عليك كما ثغوت أنا العنزة الشهباء أم
الماعز كلها إني ألعنك يا قراغول فلتحل عليك لعنتي"
وراح
والد قراغول يبحث عنه وهو ينادي"قراغول يا ولدي العزيز أين أنت؟" فترامى
إليه صوت من حالق وسمع صوت ابنه فرآه على ذلك الجبل معلق بين الأرض والسماء فقال
له:" كيف وصلت إلى هنا يا ولدي التعيس؟"فرد عليه قراغول:" لا تسلني
يا أبتاه أنا هنا جزاء ما ارتكبت يداي قادتني العنزة الشهباء على هنا ولعنتني
وتركتني لا أطالع أرضاً ولا سماء فصوب علي يا أبت أرجوك خفف عذاباتي هيا اقتلني
أرجوك يا أبت"ولم يكن قلب الأب ليطاوعه وحل المساء ولم يحزم الأب أمره بعد
ولكن قبل شروق الشمس أمسك بندقيته وأطلق على ابنه رصاصة ثم كسر البندقية بصخرة
وشرع يغني أغنية الوداع الحزينة التي ما تزال العجائز ترددها إلى يومنا هذا
وداعاً يا غولساري......